Jumaat, 14 Disember 2012

تعريف الرابطة لغة واصطلاحاً

تعريف الرابطة لغة واصطلاحاً


لغــــــــــة: الرابطة في اللغة هي الصلة والعلاقة الوثيقة . وأصل كلمة الرابطة تأتي من ربط . يربط ربطاً ، رَابِطَة: صِلَة، عَلاَقَة‏ .رَبَطَ: أوْثَقَ، شَدّ‏ . ‏رَبَطَ: وَصَلَ‏ . فيقال ربط بين الشيئين : وصل بينهما وشد وأوثق . فالرابطة بين الشيئين هي الصلة والعلاقة بينهما . فالرابطة بين الشيخ والمريد : الصلة والعلاقة بينهما

إصطلاحا: لقد ورد ذكر الرابطة عند الكثير من علماء التصوف في المراجع والكتب الصوفية : وكلهم ينصب كلامهم في معنى واحد وهو تصور الشيخ واستحضار صورته والاستمداد بهمته

يقول محقق كتاب مكتوبات العارف بالله الشيخ خالد النقشبندي في مقدمته على كتاب المكتوبات ما نصه: (الإنسان لا يخلو من رابطة ما. فمن مرابط لماله ومن مرابط لحرفته ومن مرابط للنساء ومن مرابط لأصحابه وأخدانه إلى غير ذلك ، فالرابطة في إصطلاح الصوفية ليست إلا عبارة عن نفي هذه الروابط عن القلب وصرفه عنها وربطه بالشيخ وتخيله كأنه معه ومن المقرر أن إعمال الفكر في أمر من الأمور ربطه به على سبيل المحبة لاسيما إذا استولت هذه الخطرة على القلب يعمل في نفس الإنسان عمل مزاولة ذلك الأمر فإعماله في الأمور المحمودة محمود وفي الأمور المذمومة مذموم...). فهذه هي الرابطة عند معاشر النقشبندية والصوفية بشكل عام هي نفي جميع هذه الروابط والعلائق عن القلب وصرفه عنها وجمعه على رابطة الشيخ وتخيله كأنه معه ثم بعد ذلك ينفي هذه الرابطة ويجعل قلبه معلقا‌ً بالله شاعراً شعور الرائي بأنه يراه بعد أن صار أهلاً وجديراً بذلك . وهل لو شعر الإنسان قلبيا بأن عليه حافظين كراما كاتبين في كل لحظة يكون قد أشرك؟ ! وهل ما يخطر على بال العبد من صور الملائكة والجن والعرش والتماثيل والأشخاص وغيرها في الصلاة ومختلف العبادات يعتبر شركا؟! خصوصا إذا جاء ذكرها فيما يتلوه من القرآن؟! 

ومما يدل على وقوع استحضار الصورة التي هي أمر ضروري بلا شك ما أخرحه البخاري عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَالَ فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ قَالَ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ

 
ومنه ما أخرجه مسلم عن عمرو بن حريث عن أبيه قال:
 كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. والرواية عند النسائي: كَأَنِّي أَنْظُرُ السَّاعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
فهذه كلها أدلة تفيد حدوث صورة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وعدم تحرجهم من ذلك

 والرابطة بمعناها العام تشير الى أمر يربط العبد بالله ورسوله وهي بهذا المعنى العام لاتعدو أن تكون وسيلة من الوسائل التي تذكر العبد بالله أو تقربه الى الله سواء كانت فعلاً أو قولاً أو حالاً ، ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ [قال رجل يا رسول الله من أولياء الله؟ قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله] (16779) وفي رواية [إن من الناس مفاتيح لذكر الله إذا رؤوا ذكر الله] (16780) ووراه أبو يعلى (2437) والطبراني في الكبير (10476) وابن المبارك في الزهد بإسناد صحيح (218) بلفظ [قيل يا رسول الله: أي جلسائنا خير؟ قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقة وذكركم بالاخرة عمله] . ومن الصورة الواضحة لمصداقية الرابطة الشريفة الطاهرة ما حصل مع سيدنا بلال الحبشي عند سكرات الموت عندما كانت تقول له زوجته واكرباه واحزناه وهو يقول: وا فرحتاه وا طرباه غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه فهل نقول أن سيدنا بلالا أشرك لأنه نسي الله في هذا المقام إنه لشيء عجاب!!

وبمعناها الخاص هي استحضار صورة ذهنية للشيخ يأخذ بهمة المريد الى الله أو ينهض بحاله الى الله أو يحقق أمراُ قلبياً يريده الشيخ في طريق الوصول الى الله فالرابطة اذاً لها حكم الوسيلة .. والتقرب الى الله تعالى بالوسائل أمر لاينكر بل هو أمر مطلوب مندوب اليه بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة) والوسيلة في الآية لفظ عام يشمل كل ما يقرب العبد الى الله تعالى ولايشترط فيه أن يكون أمراً قد فعله الرسول وصحبه الكرام لاختلاف الوسائل باختلاف العصور والأحوال والعمل لا يقف على ورود أمر فيه بل يقف على نهي عنه فمثلاً الأنترنت والتلفاز ووسائل الاعلام في عصرنا قد تكون وسيلة تقرب الى الله تعالى ان أحسن توجيهها على مايرضي الله مع أنها أمر مستحدث كذا المهرجانات الدعوية وكليات العلوم الشرعية والجمعيات الخيرية وغير ذلك كثير كثير والوسائل لها حكم مقاصدها والرابطة ان كانت وسيلة تقرب المريد الى الله تعالى وتنهض بحاله الى الله أخذت حكم هذا المقصد . واستحضار صورة العارف أو الشيخ له أثره المجرب في تنشيط همة المريد والرقي بحاله الى الله تعالى وله سره الخاص عند أهل الطريق فهي اذاً وسيلة ان غلب على الظن أنها تحقق مايرجى منها فيكون حكمها حكم المندوب من وسائل الخير التي تدعو الى الله وتقرب المريد الى الله . روى الإمام البخاري في صحيحه في باب الخشوع في الصلاة حديثين هما

699- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي.

700- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي وَرُبَّمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح:2/180 أثناء شرح الحديثين:-
 
وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي تَحْذِيرِهِمْ مِنْ النَّقْصِ فِي الصَّلَاةِ بِرُؤْيَتِهِ إِيَّاهُمْ دُونَ تَحْذِيرِهِمْ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ،وَهُوَ مَقَام الْإِحْسَان الْمُبَيَّن فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْإِيمَان " اُعْبُدْ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ،فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك " فَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي التَّعْلِيلِ بِرُؤْيَتِهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنْبِيهًا عَلَى رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ،فَإِنَّهُمْ إِذَا أَحْسَنُوا الصَّلَاة لِكَوْن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرَاهُمْ أَيْقَظَهُمْ ذَلِكَ إِلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ الْمُعْجِزَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ،وَلِكَوْنِهِ يُبْعَثُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ يَرَاهُمْ تَحَفَّظُوا فِي عِبَادَتِهِمْ لِيَشْهَدَ لَهُمْ بِحُسْنِ عِبَادَتِهِمْ .

ويعتقد الوهابية أن الرابطة النقشبندية التي يفعلها السادة النقشبندية شرك ، لكن الشرك هو عبادة غير الله، ولا يعني استحضار الكعبة عند ذكر الله أنك تعبد الكعبة، أو عندما تستحضر الموت أو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكر الله، لا يعني استحضار هذه الأشياء للاستعانة بها على الحضور والخشوع لا يعني أنك تعبدها. وبعد هذا البيان المتواضع يأتي إمام المدرسة الوهابية ابن تيمية ليبرر لنا أنها ليست شرك، لكن أتباعه الوهابية يخالفونه ويعدون من يقولها شرك، يعني حتى إمامهم ابن تيمية لم يسلم من لسانهم !!!! يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله في فتاواه

وَمِمَّا يُحَقِّقُ هَذِهِ الْأُمُورَ أَنَّ الْمُحِبَّ يَجْذِبُ وَالْمَحْبُوبَ يُجْذَبُ . فَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا جَذَبَهُ إلَيْهِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَمَنْ أَحَبَّ صُورَةً جَذَبَتْهُ تِلْكَ الصُّورَةُ إلَى الْمَحْبُوبِ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ فَإِنَّ الْمُحِبَّ عِلَّتُهُ فَاعِلِيَّةٌ وَالْمَحْبُوبَ عِلَّتُهُ غائية وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُجُودِ الْمَعْلُولِ وَالْمُحِبُّ إنَّمَا يَجْذِبُ الْمَحْبُوبَ بِمَا فِي قَلْبِ الْمُحِبِّ مِنْ صُورَتِهِ الَّتِي يَتَمَثَّلُهَا ؛ فَتِلْكَ الصُّورَةُ تَجْذِبُهُ بِمَعْنَى انْجِذَابِهِ إلَيْهَا ، لَا أَنَّهَا هِيَ فِي نَفْسِهَا قَصْدٌ وَفِعْلٌ ؛ فَإِنَّ فِي الْمَحْبُوبِ مِنْ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ مَا يَقْتَضِي انْجِذَابَ الْمُحِبِّ إلَيْهِ كَمَا يَنْجَذِبُ الْإِنْسَانُ إلَى الطَّعَامِ لِيَأْكُلَهُ وَإِلَى امْرَأَةٍ لِيُبَاشِرَهَا وَإِلَى صَدِيقِهِ لِيُعَاشِرَهُ وَكَمَا تَنْجَذِبُ قُلُوبُ الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ لِمَا اتَّصَفَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ لِأَجْلِهَا أَنْ يُحَبّ وَيُعْبَدَ . بَلْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَبّ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ لِذَاتِهِ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ فَكُلُّ مَحْبُوبٍ فِي الْعَالَمِ إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُحَبّ لِغَيْرِهِ لَا لِذَاتِهِ وَالرَّبُّ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُحَبّ لِنَفْسِهِ وَهَذَا مِنْ مَعَانِي إلَهِيَّتِهِ و { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } فَإِنَّ مَحَبَّةَ الشَّيْءِ لِذَاتِهِ شِرْكٌ فَلَا يُحَبُّ لِذَاتِهِ إلَّا اللَّهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ إلَهِيَّتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَكُلُّ مَحْبُوبٍ سِوَاهُ إنْ لَمْ يُحَبّ لِأَجْلِهِ أَوْ لِمَا يُحَبُّ لِأَجْلِهِ فَمَحَبَّتُهُ فَاسِدَةٌ . وَاَللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ فِي النُّفُوسِ حُبّ الْغِذَاءِ وَحُبَّ النِّسَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الْأَبْدَانِ ، وَبَقَاءِ الْإِنْسَانِ ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا حُبّ الْغِذَاءِ لَمَا أَكَلَ النَّاسُ فَفَسَدَتْ أَبْدَانُهُمْ وَلَوْلَا حُبُّ النِّسَاءِ لَمَا تَزَوَّجُوا فَانْقَطَعَ النَّسْلُ . وَالْمَقْصُودُ بِوُجُودِ ذَلِكَ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَيَكُونُ هُوَ الْمَحْبُوبَ الْمَعْبُودَ لِذَاتِهِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ غَيْرُهُ . وَإِنَّمَا تُحَبُّ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ تَبَعًا لِمَحَبَّتِهِ فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ حُبِّهِ حُبّ مَا يُحِبُّهُ وَهُوَ يُحِبُّ الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَيُحِبُّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ ، فَحُبُّهَا لِلَّهِ هُوَ مِنْ تَمَامِ حُبِّهِ وَأَمَّا الْحُبُّ مَعَهُ فَهُوَ حُبُّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْدَادَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ، فَالْمَخْلُوقُ إذَا أَحَبَّ لِلَّهِ كَانَ حُبُّهُ جَاذِبًا إلَى حُبِّ اللَّهِ وَإِذَا تَحَابَّ الرَّجُلَانِ فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ؛ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَاذِبًا لِلْآخَرِ إلَى حُبّ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءِ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ بِقُرْبِهِمْ مِنْ اللَّهِ وَهُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرَوْحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَمْوَالٍ يتباذلونها وَلَا أَرْحَامٍ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا إنَّ لِوُجُوهِهِمْ لَنُورًا وَإِنَّهُمْ لَعَلَى كَرَاسٍ مِنْ نُورٍ لَا يَخَافُونَ إذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إذَا حَزِنَ النَّاسُ } فَإِنَّك إذَا أَحْبَبْت الشَّخْصَ لِلَّهِ كَانَ اللَّهُ هُوَ الْمَحْبُوبُ لِذَاتِهِ فَكُلَّمَا تَصَوَّرْته فِي قَلْبِك تَصَوَّرْت مَحْبُوبَ الْحَقِّ فَأَحْبَبْته فَازْدَادَ حُبُّك لِلَّهِ . كَمَا إذَا ذَكَرْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُ وَالْمُرْسَلِينَ وَأَصْحَابَهُمْ الصَّالِحِينَ وَتَصَوَّرْتهمْ فِي قَلْبِك فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْذِبُ قَلْبَك إلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِمْ وَبِهِمْ إذَا كُنْت تُحِبُّهُمْ لِلَّهِ فَالْمَحْبُوبُ لِلَّهِ يُجْذَبُ إلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَالْمُحِبُّ لِلَّهِ إذَا أَحَبّ شَخْصًا لِلَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَحْبُوبُهُ فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَجْذِبَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكُلٌّ مِنْ الْمُحِبِّ لِلَّهِ وَالْمَحْبُوبِ لِلَّهِ يُجْذَبُ إلَى اللَّهِ .
[مجموع فتاوى ابن تيمية المجلد العاشر]

Tiada ulasan:

Catat Ulasan